غرير العسل : مقاتل شجاع لا يعترف بحجمه

تيلي ناظور
يُعد غُرير العسل، المعروف أيضاً بالرتيل أو الشنار، واحدًا من أكثر الحيوانات إثارةً للدهشة في عالم الحيوان، إذ يجمع بين الجرأة والشراسة والقوة رغم صغر حجمه الذي لا يعكس إطلاقًا شخصيته الهجومية.
وينتمي هذا الحيوان إلى عائلة ابن عرس، ويعيش في مناطق واسعة تمتد عبر أفريقيا والشرق الأوسط وأجزاء من آسيا.

أولًا، يتميّز غرير العسل ببنية جسدية قوية وجلد سميك ومرن يسمح له بمواجهة أعتى الخصوم، حتى وإن أُمسك بإحكام، حيث يتمكن من الالتفاف والانقضاض من جديد.
كما أن مقاومته للسموم تعد إحدى أهم خصائصه، إذ يمكنه النجاة من لدغات أفاعٍ بالغة السمية كالكوبرا، ليعود إلى الحركة بعد فترة وجيزة من فقدان الوعي.
ثم إن شراسة غرير العسل لا تمنعه من إظهار ذكاء ملحوظ؛ فقد أثبتت تجارب علمية قدرته على استخدام الأدوات للوصول إلى الطعام، ما يجعله من بين أذكى الحيوانات في فصيلته.
ويتغذى هذا الحيوان على كل ما يجد أمامه تقريبًا، من الزواحف والقوارض والطيور، وصولًا إلى العسل الذي يعشقه ويُعرف باسمه بسببه.
وفي السياق ذاته، يرتبط غرير العسل بعلاقة تعاون مميزة مع طائر يُعرف باسم “دليل العسل”، حيث يقوده هذا الأخير إلى خلايا النحل، وبعد أن يكسرها الغرير ويأكل ما يشاء، ينال الطائر نصيبه من الغنيمة، في نموذج فريد من الشراكة الطبيعية.
كما يفضّل غرير العسل العيش منفردًا، ويتنقل بين الصحاري والغابات والسافانا، ويُعرف بقدرته العالية على الحفر في وقت وجيز لصنع جحور يحتمي بداخلها.

وعند الشعور بالخطر، يطلق رائحة كريهة من غدة قرب الذيل دفاعًا عن نفسه، في سلوك يشبه إلى حد كبير ما يفعله الظربان.
وبالإضافة إلى ذلك، يكشف سلوك غرير العسل عن ذاكرة قوية تساعده على اصطياد فريسته والتعامل مع الظروف الصعبة، ما يجعله رمزًا للشجاعة والصلابة في عالم الحيوان.
وبناءً على ما سبق، يمكن القول إن هذا الحيوان الصغير قد استطاع أن يكتب لنفسه مكانة أسطورية بين الحيوانات المفترسة، بشعارٍ يبدو أنه يسير وفقه دائمًا: “الهجوم أفضل وسيلة للدفاع”



