عروض واعلانات
أكاديمي

جدل معايير الانتقاء لولوج الماستر : بين الضوابط البيداغوجية و تعدد التأويلات

د. المصطفى قريشي

أثار موضوع معايير الانتقاء لولوج سلك الماستر نقاشاً واسعاً في الأوساط الجامعية خلال الأسابيع الأخيرة، خاصة بعد المراسلة التي وجهتها وزارة التعليم العالي لرؤساء الجامعات.

وكان من المفترض أن تأتي هذه المراسلة لتوضيح الرؤية وتوحيد الإجراءات، لكنها في المقابل زادت النقاش غموضاً، و وسعت هامش التأويلات لدى مختلف الفاعلين.

في البداية، حددت الضوابط البيداغوجية المعتمدة معايير الانتقاء على أساس مؤشرات واضحة، أبرزها المعدلات وعدد سنوات الحصول على الإجازة، دون الحديث عن امتحانات كتابية أو مقابلات شفوية.

هذا التوجه كان يهدف – بحسب كثير من المتتبعين – إلى تجنب إشكالات مرتبطة بالانتقائية والسلطة التقديرية الواسعة التي تمنحها الامتحانات الشفوية.

غير أن المراسلة الوزارية الأخيرة أعادت فتح الباب أمام إمكانية المزج بين معايير الانتقاء (بنسبة 75%) والمقابلة الشفوية (بنسبة 25%).

وفي مرحلة لاحقة، تُركت صلاحية تحديد الشكل النهائي للجنة البيداغوجية، مع شرط التعليل ومصادقة الهيئة الوطنية التي تراجع الملفات الوصفية وتمنح الاعتماد.

هذا التعدد في الصيغ أفرز ارتباكاً واضحاً : فمن جهة، هناك إرادة لتوحيد الإجراءات وضمان الشفافية؛ ومن جهة أخرى، تُمنح اللجان البيداغوجية مرونة واسعة تسمح بظهور تباين بين الماسترات، بل حتى داخل الكلية الواحدة.

وهو ما يثير تخوفات جدية من إضعاف مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلبة، ويطرح سؤال العدالة في توزيع المقاعد.

تحليل هذا الوضع يكشف أن الإشكال لا يكمن فقط في تفاصيل المراسلة، بل في غياب تصور شامل وموحد لمساطر الانتقاء على الصعيد الوطني.

فالهيئة الوطنية مدعوة إلى حسم هذا النقاش عبر معايير دقيقة وموحدة، توازن بين الموضوعية (من خلال المعدلات والمؤشرات الأكاديمية) وبين الحاجة إلى التقييم النوعي (عبر المقابلات أو الامتحانات في بعض التخصصات الدقيقة).

في انتظار هذا الحسم، يبقى الوضع الحالي مرشحاً لإنتاج مزيد من الجدل والاحتقان، خاصة مع اقتراب مواسم المباريات.

ولذلك، فإن ما يحتاجه النظام الجامعي اليوم ليس فقط وضوح المعايير، بل وضوح الرؤية والانسجام في القرارات، بما يضمن الشفافية والعدالة ويعيد الثقة للطالب الباحث في منظومة التعليم العالي.

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button