” إسرائيل الكبرى ” : مشروع توسعي يثير الجدل ويهدد استقرار المنطقة

تيلي ناظور : نوفل سنوسي
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تأييده لمشروع “إسرائيل الكبرى”، وهو رؤية توسعية تستند إلى تفسيرات دينية تاريخية لتبرير سياساته.
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، عرض نتنياهو خريطة موسعة لإسرائيل خلال جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 سبتمبر 2023، مؤكداً التزامه بما أسماه “القرن المئوي” لإسرائيل.
يتبنى هذا المشروع، الذي يحظى بدعم اليمين الإسرائيلي المتشدد، فكرة توسيع حدود إسرائيل لتشمل أراضٍ من دول عربية، بما في ذلك فلسطين التاريخية، لبنان، الأردن، أجزاء كبيرة من سوريا والعراق، وأجزاء من مصر، السعودية، والكويت.
هذه الرؤية، التي طرحها زعيم حزب “الصهيونية الدينية” بتسالئيل سموتريتش عام 2016، تستند إلى نصوص توراتية، خاصة من سفر التكوين، وتدعو إلى تحقيق “الحلم الصهيوني” من نهر النيل إلى نهر الفرات.
جذور المشروع التاريخية
يعود أصل هذا المشروع إلى أفكار الحركة الصهيونية التي تبلورت قبل أكثر من قرن، حيث أعلن ثيودور هرتزل، مؤسس الصهيونية، عام 1904 عن رؤيته لدولة تمتد من النيل إلى الفرات. كما دعمت عصابة “أرغون” الصهيونية خلال فترة الانتداب البريطاني (1922-1948) فكرة ضم فلسطين التاريخية والأردن لتكوين دولة يهودية.
في عام 1977، تبنى حزب “الليكود” بزعامة مناحيم بيغن هذا المشروع كبرنامج سياسي، مستخدماً أسماء توراتية مثل “يهودا والسامرة” للإشارة إلى الضفة الغربية، مع الترويج للاستيطان اليهودي.
وأشار ديفيد بن غوريون، أحد مؤسسي إسرائيل، في كتاباته بين عامي 1937 و1938 إلى أن إقامة دولة على جزء من الأرض هي خطوة أولية لتحطيم الحدود لاحقاً، ليس بالضرورة عبر الحرب.
الخريطة المثيرة للجدل
تتضمن خارطة “إسرائيل الكبرى”، التي عرضها نتنياهو، أراضي شاسعة تشمل:
- فلسطين التاريخية (27,027 كيلومترًا مربعًا).
- لبنان (10,452 كيلومترًا مربعًا).
- الأردن (89,213 كيلومترًا مربعًا).
- أكثر من 70% من سوريا (185,180 كيلومترًا مربعًا).
- نصف العراق (438,317 كيلومترًا مربعًا).
- ثلث السعودية (2,149,690 كيلومترًا مربعًا).
- ربع مصر (حوالي مليون كيلومتر مربع).
- جزء من الكويت (17,818 كيلومترًا مربعًا).
السياق السياسي والعسكري
يأتي تأييد نتنياهو لهذا المشروع في ظل تصعيد عسكري، بما في ذلك الحرب على غزة منذ 7 أكتوبر 2023، والعمليات العسكرية في لبنان، والتوغل في سوريا بعد انهيار النظام هناك في ديسمبر 2024.
في مقابلة مع قناة “i24” الإسرائيلية، وصف نتنياهو هذا المشروع بأنه “مهمة روحية وتاريخية” للشعب اليهودي، مؤكداً أنه يمثل “حلم أجيال” ينتقل عبر الزمن.
ردود الفعل الإقليمية
أثار إعلان نتنياهو وعرض الخريطة غضباً عربياً واسعاً، حيث اعتبرت الدول المعنية هذا المشروع تهديداً مباشراً لسيادتها الوطنية.
ويرى مراقبون أن تحويل هذه الأفكار الدينية إلى برنامج سياسي ينفذ عبر عمليات عسكرية واستيطانية يشكل خطرًا على استقرار المنطقة.
مشروع “إسرائيل الكبرى” ليس مجرد فكرة نظرية، بل رؤية سياسية وعسكرية تثير مخاوف إقليمية عميقة.
استناداً إلى نصوص دينية وطموحات تاريخية، يسعى المشروع إلى إعادة رسم حدود المنطقة، مما يضع الدول العربية أمام تحديات أمنية وسياسية متصاعدة.