عروض واعلانات
سياسة

من الأيديولوجيا إلى البراغماتية … الناخب المغربي يغير قواعد اللعبة السياسية

تـيـلـي نـاظـور: سـلـمـى القـنـدوسـي

خلال العقود الأخيرة، شهد المشهد الانتخابي المغربي تحولًا جذريًا قلب موازين اللعبة السياسية، لينتقل الناخب من التصويت بدافع الولاء الإيديولوجي و الانتماء الحزبي، إلى اختيار قائم على منطق الفرصة و البراغماتية، حيث لم تعد الشعارات تكفي، بل أصبح المعيار هو القدرة على تحقيق نتائج ملموسة على الأرض.

وفقًا لتقارير مركز المؤشرات للدراسات و الأبحاث، فإن هذه التحولات لم تكن عابرة أو سطحية، بل نتجت عن تغيرات عميقة في البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمغرب، و عن تطور الوعي السياسي للمواطن.

ففي بدايات التجربة الديمقراطية، كان المشهد منقسمًا بوضوح بين تيارات محافظة وتقدمية، يمينية و يسارية، و هو ما كان ينعكس على صناديق الاقتراع.

لكن انتخابات 2021 أظهرت أن الكفة باتت تميل نحو تقييم الأداء الواقعي للأحزاب والمرشحين، و مدى قدرتهم على معالجة قضايا حيوية كالتشغيل و التعليم و الصحة والتنمية المحلية.

أحد المؤشرات الصارخة على هذا التحول هو تراجع الثقة في الأحزاب السياسية، التي لم تتجاوز نسبة 13% سنة 2022 بحسب المندوبية السامية للتخطيط.

هذا الانحسار دفع الكثيرين إلى التصويت العقابي ضد أحزاب بعينها بدل دعم أخرى، فيما اختار 45% من الناخبين التردد أو العزوف حتى الأيام الأخيرة من الحملات الانتخابية، ما يعكس تعقيدًا غير مسبوق في السلوك الانتخابي.

الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي أصبحا بدورهما ساحة رئيسية لتشكيل الرأي العام، خاصة بين الشباب، على حساب الوسائل التقليدية كالخطابات الميدانية.

غير أن هذا التطور رافقته ظواهر سلبية، من بينها التصويت العشوائي و الزبوني، في ظل ضعف العرض السياسي و تنامي الشعبوية.

هذا التحول من التصويت الإيديولوجي إلى البراغماتي، يعكس صعود الطبقة الوسطى، و ارتفاع مستويات التعليم، و تراجع الهيمنة الرمزية للأحزاب التقليدية.

لكنه في المقابل يضع الفاعلين السياسيين أمام امتحان صعب: كيف يعيدون بناء الثقة مع مواطن أصبح أكثر وعيًا وجرأة في اختياراته، لكنه أيضًا أكثر تشككًا و انتظارية؟

اليوم، الناخب المغربي لم يعد يصوت للشعارات، بل لمن يملك خطة عملية لتحسين حياته اليومية ، و مع هذه القاعدة الجديدة، بات على الأحزاب أن تعيد صياغة خطابها و أدواتها قبل أن تجد نفسها خارج اللعبة.

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button