تسارع نمو القروض البنكية بـ3,9% : مؤشّر على دينامية اقتصادية أم ضغط على المديونية ؟

تيلي ناظور:متابعة
شهدت القروض البنكية في المغرب تسارعًا ملحوظًا في وتيرة نموها خلال شهر مارس 2025، حيث ارتفعت بنسبة 3,9 في المائة على أساس سنوي، وفقًا لما كشفته نشرة الإحصائيات النقدية الصادرة حديثًا عن بنك المغرب.
و يأتي هذا التطور في سياق اقتصادي يتسم بتحديات متعددة، من بينها التضخم، وضغط نسب الفائدة، وتنامي الطلب على التمويل من مختلف الفئات الاقتصادية.
بحسب بيانات البنك المركزي، فقد بلغ إجمالي القروض البنكية ما يعادل 1.075 مليار درهم، مقارنة بـ1.035 مليار درهم في مارس 2024.
ويعزى هذا الارتفاع، في جزء كبير منه، إلى زيادة القروض الموجهة للقطاع غير المالي، والتي ارتفعت بنسبة 4,2%، مدفوعة بنمو القروض الممنوحة للأسر بنسبة 2,6%، وللمقاولات غير المالية الخاصة بنسبة 5,1%.
كما شملت الزيادة فئات متعددة من القروض، أبرزها القروض العقارية التي عرفت ارتفاعًا بنسبة 1,9%، والقروض الموجهة لاستهلاك الأسر التي شهدت بدورها ارتفاعًا معتدلًا بنسبة 1,3%.

من جهة، يعكس هذا التسارع في وتيرة منح القروض مؤشّرًا على عودة النشاط الاقتصادي إلى مستويات أكثر دينامية، خصوصًا في ظل محاولات إنعاش الطلب الداخلي ودعم الاستثمارات الخاصة.
ومن جهة أخرى، يثير هذا النمو تساؤلات بشأن مستويات المديونية، لا سيما في صفوف الأسر، وما إذا كانت البنوك توازن بين تحفيز الاقتصاد ومخاطر التعثر في السداد.
وفي هذا السياق، أشار الخبير الاقتصادي الدكتور خالد العثماني في تصريح لـ”الصحافة الوطنية” إلى أن “تسارع القروض البنكية يعكس في جانب منه ثقة الفاعلين الاقتصاديين في السوق، لكنه يتطلب في المقابل رقابة حذرة من حيث جودة القروض وضمان استدامتها”.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا النمو تزامن مع قرار بنك المغرب الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي عند 3% خلال اجتماعه الأخير، وذلك في خطوة تهدف إلى الحفاظ على توازن دقيق بين دعم النمو وكبح التضخم. وهو ما قد يكون ساهم في إبقاء تكلفة التمويل في مستويات مقبولة، محفزة بذلك الإقبال على الاقتراض.
في ضوء هذه المعطيات، تبدو مؤشرات القروض البنكية إيجابية نسبيًا، لكنها تفرض في الآن ذاته ضرورة اعتماد مقاربة متوازنة بين تحفيز الاقتصاد وضمان الاستقرار المالي.
فالرهان الحقيقي، كما يرى عدد من المراقبين، يكمن في تحويل هذا الزخم الائتماني إلى نمو إنتاجي ملموس، لا إلى مديونية استهلاكية قد تضعف قدرة السداد مستقبلاً.