عروض واعلانات
المجتمع المدني

تغييرات مرتقبة في قانون الشيكات : نحو إلغاء التجريم بين الأزواج و تسهيلات للمتعثرين

تيلي ناظور: سلوى المرابط

في خطوة تعكس توجّه المشرّع نحو مزيد من التوازن بين الحقوق والاعتبارات الاجتماعية، تُطرح على طاولة النقاش القانوني حزمة من التعديلات المرتقبة على قانون الشيكات، من أبرزها إلغاء تجريم إصدار الشيكات بدون رصيد بين الأزواج، وتقديم تسهيلات جديدة للمتعثرين في السداد.

على مدى السنوات الأخيرة، تصاعدت الأصوات الحقوقية والاجتماعية المطالبة بإعادة النظر في تجريم الشيكات المرتجعة، لاسيما في السياقات العائلية.

فقد اعتُبرت هذه الإجراءات، في كثير من الحالات، سيفًا مسلطًا على العلاقات الزوجية، وتحديدًا حين يُستخدم الشيك كوسيلة ضغط أو ابتزاز بعد الخلافات الأسرية.

وفي هذا السياق، كشفت وزارة العدل، بحسب ما نقلته صحيفة الاقتصادية (28 أبريل 2025)، عن دراسة جارية لتعديل قانون الشيكات، تتضمّن استثناء الشيكات المتبادلة بين الأزواج من العقوبات الجنائية، مع الإبقاء على المسار المدني. ويهدف هذا التوجه إلى ضمان الحقوق المالية دون المساس بكيان الأسرة.

ولم تقف التعديلات المقترحة عند البعد الأسري فقط، بل امتدت لتشمل جانبًا اقتصاديًا بالغ الأهمية، وهو دعم المتعثرين في السداد.

إذ تعمل الجهات التشريعية، بالتعاون مع مؤسسات مالية وقضائية، على إدخال آليات جديدة تمنح هؤلاء فرصًا عادلة لتسوية أوضاعهم دون مواجهة العقوبات الجنائية المباشرة.

ومن أبرز هذه المقترحات، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط (25 أبريل 2025)، اعتماد “الإنذار المسبق” كشرط قبل رفع دعوى جزائية، إلى جانب إدخال نظام “الجدولة القضائية” الذي يتيح للمدينين سداد التزاماتهم وفق خطة زمنية مرنة.

هذه الإجراءات تعكس حرص الدولة على خلق بيئة قانونية أكثر إنصافًا وتجاوبًا مع واقع السوق.

ومع تصاعد الجدل حول هذه التعديلات، يرى مختصون أن ما يجري لا يعني بالضرورة تهاونًا في حماية الحقوق، بل هو إعادة ضبط للعلاقة بين الأطراف في إطار أكثر عدالة.

و يؤكد المحامي د. فهد المطيري أن “إلغاء التجريم في العلاقات الزوجية لا يُعد إسقاطًا للحقوق، بل هو توجيه للمسار نحو الحلول المدنية التي تحترم كيان الأسرة ولا تتجاهل الالتزامات المالية”.

بالتالي، فإن التحول الجديد في فلسفة قانون الشيكات يعبّر عن فهم أعمق لتعقيدات الواقع الاجتماعي والاقتصادي، ويهدف إلى الموازنة بين الردع القانوني والحماية الإنسانية.

ومع أن هذه التعديلات لا تزال في طور الدراسة، إلا أن المؤشرات المتتالية، سواء من تصريحات رسمية أو مسودات أولية، تؤكد أن قانون الشيكات الجديد بات قريبًا من الإقرار.

ومن هذا المنطلق، دعا مختصون ومؤسسات مدنية إلى ضرورة إطلاق حملات توعوية لشرح تفاصيل القانون الجديد وتبسيط إجراءاته، حتى لا يُساء فهمه أو يُستخدم بطرق غير قانونية.

في ضوء هذه المعطيات، يبدو أن قانون الشيكات يتجه نحو إعادة صياغة جوهرية، لا تقتصر فقط على التعديلات الفنية، بل تمتد إلى فلسفة العقوبة ذاتها.

وبينما يراهن البعض على دور القانون في ضمان الاستقرار المالي، فإن آخرين يرون أن نجاحه الحقيقي يكمن في قدرته على المواءمة بين حماية الحقوق وصيانة العلاقات الإنسانية.

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button