الدكتور قريشي يدعو لضرورة الإسراع بوضع تشريعات تخص التعامل بالعملات الرقمية و التعاقد الذكي عبر تقينة البلوك تشين في الطلبيات العمومية

الدكتور المصطفى قريشي

أصدر الرئيس الأمريكي لإدراج خمس عملات رقمية ضمن الاحتياط الاستراتيجي الأمريكي الجديد للعملات الرقمية، و يجل ذلك القرار في إطار صراع محموم بين الدول الكبرى لتحقيق السيادة الرقمية و الاستحواذ على العملات الرقمية والتي ستكون في المستقبل القريب عملات التعامل الاقتصادي …
و باقي العملات تصبح عديمة الجدوى و لا قيمة سوقية لها.
بل وقد يفرض التعامل بالعملات الرقمية كطريقة وحيدة للتعاملات الاقتصادية العالمية، وبالتالي سيفرض على الدول التي لم تواكب أو تتدارك الأمر شراء نلك العملات والتي ستكون قيمتها السوقية آنذاك جد جد مرتفعة.
لكن للأسف في بلادنا المغرب مازال المشرع متخوف و متوجس ومتردد من السماح للتعاملات بالعملة الرقمية و التعاقد عبر تقنية البلوك تشين التي تستخدم الذكاء الاصطناعي خاصة في مجال الطلبيات العمومية و غيرها.
رغم أن هذه التقنية ستمكن من تعزيز شفافية الاقتصاد الوطني والنجاعة والحكامة و الفعالية و الأداء التنافسي.
إن الأمر يستدعي ضرورة الإسراء في تدارك الأمر خاصة أنه في الآونة الأخيرة تعالت أصوات و صدرت تقارير تكشف عن خروقات على مستوى الصفقات العمومية و تلاعبات في إسنادها و تنفيذها وكذا تلاعبات بالاسواق التجارية و المضاربة لغياب آليات قوية للرقابة والمحاسبة.
و معضلة التهرب الضريبي وعدم التصريح الحقيقي وإخفاء ارقام المعاملات وغيرها من المظاهر السلبية. تقارير كل من مجلس المنافسة والمجلس الأعلى للحسابات وكذا تصريحات لوزراء في الحكومة يشتكون من المضاربين والمتلاعبين والمتحكمين في الأسواق المغربية .
لذا فإن التعاملات المالية الرقمية وخاصة الاداء الالكتروني وكذا التعامل بالعملات الرقمية وادخال تقنية البلوك تشين في التعاقدات الخاصة وكذا بالصفقات العمومية سوف تمكن من رقابة اكبر واقوى وتعزيز الشفافية في التعاملات المالية، والحد من التهرب الضريبي وتعزيز وضوح المعاملات وشفافية المنافسة وانفتاح أكبر للسوق الوطنية على الأسواق العالمية وإمكانية جلب استثمارات اجنبية أكبر وسرعة في التعاقد والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في المجال.
إضافة لمسألة تدارك الفجوة الرقمية التي تعيشها بلادنا في مواجهة عدد من الدول العربية التي تجني ثمار انخراطها في الرقمنة والذكاء الاصطناعي واعتماد العملات الرقمية والتعاقد عبر تقنية البلوك تشين خاصة الامارات العربية المتحدة وغيرها من الدول، عبر استقطاب الاستثمارات الأجنبية الكبرى والتمكن من تحقيق نوع من الاستقرار ومؤشرات عالية في الثقة في أسواقها.
للأسف مؤسساتنا التشريعية غائبة تمام عما يحدث في العالم حتى نستفيق على فجوة رقمية اخرى تجعلنا في تبعية رقمية و اقتصادية…
مازلنا نؤسس للجنة موضوعاتية للذكاء الاصطناعي تشتغل في صمت دون ان يكون هناك إشراك للجميع و اشراك لمراكز الابحاث والجامعات.
مؤسف حقا أننا لحد الان لم نتمكن حتى من رقمنه المساطر الإدارية فمتى سيتم إدماج تطبيقات الذكاء الاصطناعي ومتى سيتم التعامل الاقتصادي بالعملات الرقمية ومتى سنحقق سيادة رقمية تمكن من تحقيق السيادة الاقتصادية.
لما هذا التباطؤ في اعتماد تلك التقنيات الرقمية؟ هل هو تخوف من كشف حجم الخروقات و الاختلالات التي يعيشها الاقتصاد الوطني خاصة في مجال الصفقات العمومية؟ أم هي مقومة التغيير من بعض المستفيدين من غياب الآليات الرادعة و التي تمكن من تعزيز الشفافية و المسؤولية ؟ أم هو تخوف مشروع مرتبط بالأمن السيبراني و عدم التمكن من التقنية بشكل كلي؟ لكن في كل الحالات فالتعامل بالعملات الرقمية شر لابد منه، بل سيفرض إن عاجلا أم آجلا خاصة و أن هناك نية لدى الدول الكبرى في استغلال هذه الفجوة الرقمية لتنمية اقتصاداتها و الاستحواذ على أسواق اكبر و بالتالي غياب المشرع المغربي عن ذلك الصراع وذلك التنافس سيؤدي لنتائج غير محمودة على تنافسية الاقتصاد الوطني.
لذا لم يعد هناك أي متسع من الوقت لضرورة الإسراع بوضع تشريعات بخصوص استعمال الذكاء الاصطناعي و الاستفادة من قدراته في المجال الاقتصادي وخاصة الإقرار باستخدام العملات الرقمية و كذا تقين التعاقد الذكي عبر البلوك تشين وغيرها من التقنيات الآمنة.