تراجع أسعار اللحوم بالجملة في المغرب يثير جدلاً بين المهنيين و حماة المستهلك

تيلي ناظور : سلوى المرابط
في الآونة الأخيرة، شهدت أسواق اللحوم الحمراء في المغرب تباينًا في الأسعار، ما أثار نقاشًا واسعًا بين المهنيين و جمعيات حماية المستهلك .
ففي الوقت الذي يؤكد فيه المهنيون حدوث تراجع ملحوظ في الأسعار، لا تزال بعض الجهات المستهلكة تشكك في هذا الانخفاض، معتبرةً أنه لم ينعكس بعد على المستهلك النهائي.
بحسب المهنيين، فإن الأسواق سجلت تراجعًا واضحًا في أسعار اللحوم الحمراء بالجملة، نتيجةً للإجراءات الحكومية الرامية إلى ضبط الأسعار وزيادة العرض .
فقد صرح وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية و المياه و الغابات، محمد صديقي، بأن الحكومة اتخذت تدابير فعالة لضمان استقرار السوق، مشيرًا إلى أن المساحات المخصصة للإنتاج الحيواني أصبحت كافية لتغطية الطلب المحلي .
و يؤكد عدد من التجار أن استيراد اللحوم خلال الأشهر الماضية ساهم بشكل كبير في خفض الأسعار، و لو جزئيًا .
على الرغم من هذه التصريحات، ترى جمعيات حماية المستهلك أن التراجع الذي يتحدث عنه المهنيون لم ينعكس بشكل فعلي على الأسواق المحلية. فوفقًا لعبد المالك بنار، رئيس الائتلاف الوطني لجمعيات حماية المستهلكين بالمغرب، لا تزال الأسعار مرتفعة، مما يثير تساؤلات حول جدوى الإجراءات الحكومية .
و يذهب بعض المراقبين إلى القول إن استمرار الحكومة في استيراد اللحوم ودعمها لم يؤدِ إلى التأثير المأمول، إذ أن الوسطاء والتجار لا يزالون يفرضون أسعارًا مرتفعة، وهو ما يجعل المستهلك النهائي غير مستفيد من هذه الانخفاضات .

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو : لماذا لم يشعر المواطن العادي بانخفاض الأسعار رغم تصريحات المهنيين؟ يرى بعض الخبراء أن السبب الرئيسي يكمن في تعدد الوسطاء داخل سلسلة التوزيع، حيث يضيف كل وسيط هامش ربحه الخاص، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في محلات التجزئة.
فبينما تتراوح أسعار اللحوم المستوردة بالجملة بين 70 و 85 درهمًا للكيلوغرام، نجدها تُباع في محلات التجزئة بأسعار تتراوح بين 90 و120 درهمًا، وهو ما يعكس الفجوة الكبيرة بين سعر الجملة و التقسيط .
و في ظل هذا الوضع، تطالب جمعيات حماية المستهلك بتعزيز الرقابة على الأسواق، مشددةً على ضرورة محاربة المضاربة والاحتكار، خصوصًا مع اقتراب شهر رمضان الذي يشهد عادةً ارتفاعًا في الطلب على المواد الغذائية .
كما دعت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك إلى إنشاء هيئة مستقلة تُعنى بمراقبة الأسعار وضمان شفافية السوق، بهدف وضع حدٍّ للممارسات غير المشروعة التي تؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين .
وبينما يؤكد المهنيون أن الأسعار تشهد تراجعًا بفعل التدابير الحكومية وزيادة العرض، تبقى الحقيقة على أرض الواقع مختلفة، حيث لا يزال المستهلكون يعانون من ارتفاع الأسعار .
و من هنا، تبرز الحاجة إلى رقابة أكثر صرامة، لضمان أن يكون هذا التراجع حقيقيًا وملموسًا، وليس مجرد أرقام يتم تداولها دون انعكاس فعلي على القدرة الشرائية للمواطنين.