تيلي ناظور:سلوى المرابط
في ظل طفرة الذكاء الاصطناعي التي تجتاح القطاعات كافة، بدأت ملامح ثورة جديدة تتشكل داخل عالم التجارة الإaلكترونية.
ليس فقط في التوصيات الذكية أو الدردشة الآلية، بل عبر وكلاء تسوق افتراضيين يتفاعلون مع المستخدمين، يتعلمون من سلوكهم، ويقترحون لهم المنتجات قبل أن يطلبوها. إنها مرحلة جديدة من “الشراء الذكي” حيث يتسلل الذكاء الاصطناعي ليصبح شريكاً في القرار الشرائي لا مجرد أداة مساعدة.
شهدت التجارة الإلكترونية خلال السنوات الأخيرة طفرة تقنية غير مسبوقة، لكن دخول الذكاء الاصطناعي بصفته وكيلاً للتسوق يُعد قفزة نوعية في التجربة الاستهلاكية.

تقوم هذه الوكلاء، مثل Amazon AI Shopping Assistant أو Google’s AI-powered product search، بتحليل بيانات المستخدمين—من عمليات الشراء السابقة، إلى سجل البحث، بل وحتى سلوك التصفح—لتقديم توصيات تتجاوز المألوف وتعتمد على توقعات مدروسة وذكية.
وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة McKinsey & Company في يناير 2025، فإن أكثر من 38% من المستهلكين يعتمدون اليوم على أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي أثناء اتخاذ قرارات الشراء.
هذا يشمل روبوتات المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، المساعدات الصوتية مثل Alexa وGoogle Assistant، وحتى أدوات تحليل السوق التنبؤية المستخدمة من قبل المتاجر الكبرى لتخصيص العروض للمستخدمين.
من اللافت أن هذا الذكاء الجديد لا يقتصر على تجربة واحدة أو منصة واحدة. فهو يتنقل بين تطبيقات الهواتف الذكية، والمواقع الإلكترونية، وحتى الشبكات الاجتماعية.
فمثلاً، تستخدم منصة TikTok Shop خوارزميات تحليل التفاعل لتوجيه العروض بشكل مباشر للمستخدمين الذين أبدوا اهتمامًا بفئة معينة، ما يُحدث ربطاً فريداً بين الترفيه والتجارة.

ورغم الفوائد الكبيرة، يثير هذا التطور العديد من التساؤلات الأخلاقية.
هل من المشروع أن تعرف الخوارزميات ما نرغب فيه حتى قبل أن ندركه نحن؟ وهل يكفل هذا الاستخدام الشفاف لبيانات المستهلكين؟ منظمة العفو الدولية AI Now Institute دعت إلى ضرورة ” وضع حدود أخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التجارة، بما يحفظ خصوصية المستهلك ويمنع التلاعب النفسي به”، وفق تقريرها الصادر في مارس 2025.
يتضح أن وكلاء التسوق المدعومين بالذكاء الاصطناعي ليسوا مجرد نزعة تقنية عابرة، بل خطوة جادة نحو إعادة تشكيل مفهوم الشراء نفسه.
وبين وعود تخصيص التجربة وقلق انتهاك الخصوصية، يقف المستهلك اليوم في مفترق طرق جديد، يتطلب وعياً تقنياً وحقوقياً لا يقل أهمية عن الرغبة في الحصول على أفضل سعر.