مشايخ الدروز : نحن جزء لا يتجزأ من سوريا

تيلي ناظور : سلوى المرابط

في وقتٍ تتكاثر فيه التحديات أمام الدولة السورية، سواء على الصعيد الأمني أو الاجتماعي، يبرز من محافظة السويداء صوت الحكمة والاتزان، حيث عبّر مشايخ الطائفة الدرزية مجددًا عن موقفهم الثابت إزاء وحدة سوريا، مؤكدين أن الطائفة كانت ولا تزال جزءًا لا يتجزأ من النسيج الوطني السوري.

ففي تجمع ديني واجتماعي عُقد مؤخرًا في السويداء، عبّر عدد من مشايخ العقل والشخصيات الاعتبارية عن رفضهم لأي مشاريع انفصالية أو أجندات خارجية تسعى لزعزعة استقرار البلاد.

وقد شدد الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز المرجعيات الدينية، على أن “السويداء كانت وستبقى مكونًا أصيلًا من الوطن”، مضيفًا أن المصلحة الوطنية تقتضي الوقوف صفًا واحدًا في وجه محاولات التقسيم.

ولعل هذه الرسائل لم تأتِ بمعزلٍ عن السياق السياسي الراهن، بل جاءت استجابةً مباشرة لتصاعد الدعوات المطالبة بكيانات محلية منفصلة، وهي دعواتٌ وُوجهت برفضٍ واسع من أبناء الجبل ومشايخهم، في انسجامٍ يعكس قوة الرابط الوطني.

وإذا ما نظرنا إلى الوراء، نجد أن مواقف الطائفة الدرزية ليست وليدة اللحظة، بل امتدادٌ لتاريخٍ طويل من النضال الوطني.

الطائفة الدرزية.. مذهب لا يعرف أتباعه تعاليمه قبل الأربعين | الموسوعة |  الجزيرة نت

فمنذ الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش، لعب الدروز دورًا مفصليًا في مقاومة الاحتلال الفرنسي وتوحيد الصفوف.

واليوم، يواصل الخلف درب السلف، إذ لا يزال مشايخ الطائفة يُصرّون على وحدة الأرض والهوية.

ومن هنا، يتضح أن هذه المواقف لا تعبّر فقط عن رؤية دينية أو محلية، بل تنبع من قناعة راسخة بأن استقرار سوريا لا يتحقق إلا بتماسك مكوناتها، بعيدًا عن أي اصطفافات طائفية أو مصالح خارجية.

ومن اللافت في خطاب مشايخ السويداء أنهم لا يفصلون بين الدين والوطن، بل يرون في الدين دافعًا لتعزيز الانتماء الوطني.

إذ أكد الشيخ يحيى الحجار أن “المسؤولية الدينية تفرض علينا الوقوف مع وحدة سوريا والدفاع عن كرامتها، لا أن نكون أداةً في مشاريع تفرقةٍ مريبة”.

هذا الدمج بين الروح الدينية والانتماء الوطني أسهم، بلا شك، في بناء خطاب عقلاني يحظى باحترام واسع داخل الطائفة و خارجها، ويمنح القيادة المجتمعية في السويداء ثقةً مضاعفة في توجيه الرأي العام نحو مواقف وطنية متزنة.

ولا يخفى على المراقبين أن هذا الموقف الديني ينعكس بوضوح في السلوك الشعبي.

فغالبية أهالي السويداء يعبرون عن رفضهم لأي انفصال عن الدولة السورية، ويطالبون، في المقابل، بتحسين الخدمات والوضع المعيشي ضمن إطار مؤسسات الدولة، لا خارجه.

وهذا ما يؤكد أن خطاب المشايخ لم يكن نخبويًا، بل متجذرًا في المزاج العام لأبناء المنطقة.

وعليه، فإن موقف مشايخ الدروز يُعدّ اليوم حجر زاوية في تعزيز وحدة سوريا.

فهو لا يُترجم فقط عبر الخطابات، بل يتجسد في السلوك العام، وفي المواقف العملية التي ترفض الانجرار وراء أي مخططات تفتيت.

لقد كانت الطائفة الدرزية، ولا تزال، حاضرة في ضمير سوريا الوطني، تؤمن بالثوابت وتدعو للتماسك، في وقتٍ أحوج ما تكون فيه البلاد إلى صوت العقل ووحدة الصف.

0
Show Comments (0) Hide Comments (0)
0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments

ابق على اطلاع!

اشترك لتحصل على أحدث المنشورات والأخبار والتحديثات في المدونة مباشرةً إلى صندوق الوارد الخاص بك.

بالضغط على زر التسجيل، فإنك تؤكد أنك قد قرأت سياسة الخصوصية وشروط الاستخدام و توافق عليها

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x