مراكش مستعدة لاستضافة الجماهير و محاربة الشغب مسؤولية الجميع :مناظرة التشجيع الرياضي تفتح نقاشًا وطنيًا جادًا حول الظاهرة

تيلي ناظور: سلوى المرابط
في سياق وطني يتسم بتنامي ظاهرة الشغب في الملاعب، وما تخلفه من آثار سلبية على صورة الرياضة المغربية داخليًا وخارجيًا، احتضنت مدينة مراكش مناظرة وطنية حول موضوع “التشجيع الرياضي ومحاربة الشغب”، تحت شعار : “الجماهير في قلب الرياضة، والسلوك الحضاري مسؤولية الجميع”.
وقد شكل هذا الحدث فرصةً لتقييم الممارسات السائدة، واستشراف آفاق جديدة تعتمد على وعي جماعي يحمي الملاعب ويرتقي بثقافة التشجيع.
ولتحقيق هذا الهدف، أثبتت مراكش مرة أخرى جاهزيتها التامة لاحتضان الأحداث الرياضية الكبرى، سواء على المستوى التنظيمي أو الأمني.
فقد أعلنت السلطات المحلية، بتنسيق مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ومصالح الأمن، عن اعتماد خطة محكمة تشمل تعزيز المراقبة بالكاميرات، وتوفير فرق تدخل متخصصة، فضلًا عن إطلاق حملات تحسيسية موجهة للشباب وروابط الأنصار.
وفي هذا الصدد، أكد والي جهة مراكش آسفي، خلال الجلسة الافتتاحية، أن “الأمن مسؤولية جماعية، وأن مدينة مراكش تضع محاربة الشغب الرياضي ضمن أولوياتها”، مشددًا على أهمية التنسيق بين مختلف المتدخلين، من جمعيات رياضية، وجماهير، وإعلام، ومجتمع مدني.
في سياق متصل، عرفت المناظرة التي نظمتها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بشراكة مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، مشاركة واسعة لخبراء في علم الاجتماع الرياضي، وفاعلين جمعويين، وممثلي الفرق الوطنية، إلى جانب ممثلين عن روابط المشجعين.
وقد أجمع المتدخلون على أن الشغب الرياضي لا يُعدّ سلوكًا فرديًا فحسب، بل هو ظاهرة اجتماعية تستوجب مقاربة شمولية تشاركية، ترتكز على التربية، والردع، والمواكبة النفسية والتواصلية. كما تم التأكيد على أن للإعلام دورًا محوريًا في التصدي لخطابات الكراهية، ونشر ثقافة الحوار والاحترام بين الجماهير.

ومن أبرز النقاط التي تم التطرق إليها، أهمية الدور الذي تلعبه الجماهير في ترسيخ صورة إيجابية عن كرة القدم الوطنية.
فرغم بعض الانزلاقات التي تشهدها الملاعب، فقد أبان عدد كبير من الأنصار عن روح وطنية عالية، عبر تنظيم “تيفوهات” راقية، وهتافات تعكس الانتماء الرياضي الأصيل.
لذلك، شددت التوصيات الختامية للمناظرة على ضرورة إشراك الجماهير في كل المبادرات المرتبطة بالحملات التوعوية، وتشجيع تأسيس روابط مشجعين مسؤولة، قادرة على تأطير الأفراد وتمثيل صوت الجمهور بما يعكس القيم الرياضية الأصيلة.
وفي إطار الحديث عن الجذور التربوية للظاهرة، أولى المشاركون أهمية قصوى للدور التربوي للمؤسسات التعليمية في ترسيخ السلوك الرياضي السليم.
وقد تم اقتراح إدماج وحدات تعليمية خاصة بـ”التربية على المواطنة في الفضاء الرياضي” ضمن المناهج الدراسية، إلى جانب تنظيم ورشات ومسابقات مدرسية تسهم في ترسيخ القيم الأخلاقية لدى الناشئة.
وبرهانات واضحة المعالم، تؤكد مراكش أنها ليست فقط مدينة سياحية وثقافية، بل أيضًا نموذج يحتذى به في تنظيم التظاهرات الرياضية ومواجهة ظاهرة الشغب بطرق حضارية وشمولية.
ومن خلال هذه المناظرة، وجهت المدينة رسالة واضحة إلى الرأي العام: أن التشجيع الراقي يبدأ من الوعي، وأن مسؤولية التصدي للعنف لا تتحقق إلا بتضافر جهود الجميع.