كيف قلبت الدبلوماسية المغربية الطاولة على الجزائر في قضية الصحراء؟

تيلي ناظور : متابعة
على مدى سنوات طويلة، اشتغلت الدبلوماسية المغربية بهدوء وثبات، مدفوعة برؤية ملكية استراتيجية، على إعادة تشكيل الخطاب الدولي حول قضية الصحراء المغربية. لم يكن الطريق سهلاً، لكن المغرب نجح، خطوة بعد أخرى، في تفكيك الرواية التي حاولت الجزائر ترويجها لعقود، وإقناع العالم بأن الأمر يتعلق بنزاع إقليمي عادي، في حين أن الحقيقة أبعد من ذلك بكثير.
لم تعد الجزائر تُرى اليوم كطرف “محايد”، بل بات المجتمع الدولي يدرك أنها الفاعل الرئيسي والمحرك الخفي لهذا النزاع، فيما أصبحت جبهة البوليساريو مجرد واجهة تُستعمل لأغراض سياسية لا علاقة لها بما تسميه الجزائر “حق تقرير المصير”.
المغرب، بسياسته الحكيمة وحججه التاريخية والقانونية، استطاع أن يفضح النوايا الحقيقية للسلطة الحاكمة في الجزائر، والتي لا تتجاوز محاولة تطويق المملكة من الجنوب، وفتح منفذ استراتيجي نحو المحيط الأطلسي، عبر كيان وهمي لا وجود له إلا في مخيلة بعض الجنرالات.
لكن هذه الأوهام اصطدمت بواقع جديد، فرضه المغرب على الأرض وفي المحافل الدولية. فمبادرة الحكم الذاتي، التي طرحها المغرب كحل واقعي وعملي، حظيت بدعم واسع من دول كبرى ومنظمات دولية، مما عزّز شرعيتها وأضعف الطرح الانفصالي. كما أن فتح العشرات من القنصليات في مدينتي العيون والداخلة، شكّل دليلًا ماديًا على الاعتراف المتزايد بمغربية الصحراء.
اليوم، يقف المغرب في موقع قوة ليس فقط لأنه رسخ سيطرته على أرضه، بل لأنه نجح في إدارة معركة الرأي العام الدولي باحترافية، كاشفاً عن خلفيات الصراع وحقيقة الأطراف المتورطة فيه. وفي المقابل، تجد الجزائر نفسها محاصرة بسياسة خارجية أثبتت فشلها، ومشاريع توسعية تتلاشى أمام صلابة الموقف المغربي ونجاحاته الدبلوماسية.
