“كلمات دافئة” : إصدار جديد يوثق مسار محمد الشيخي ويُعيد إحياء ذاكرة ثقافية مغربية منسية

تيلي ناظور : نوال أموسى
صدر حديثًا عن منشورات مكتبة سلمى الثقافية بتطوان كتاب جديد يحمل عنوان “كلمات دافئة”، أشرف على جمعه ومراجعته الشاعر والدكتور المعتمد الخراز، أستاذ الأدب بجامعة محمد الخامس بالرباط، ضمن مشروعه الرامي إلى توثيق الذاكرة الثقافية بالمغرب.
وفي هذا الإصدار، الممتد على 205 صفحات، أعاد الخراز نشر مقالات ودراسات الكاتب والشاعر المغربي محمد الشيخي، التي صدرت منذ ثمانينيات القرن الماضي في جرائد ومجلات ومقدمات دواوين شعرية، لكنها بقيت متفرقة وغير متاحة للباحثين والمهتمين رغم تفاعل القرّاء معها وقت نشرها.
كما يتوزع الكتاب على قسمين رئيسيين؛ يضم الأول ثلاثة وثلاثين مقالًا من عمود “كلمات دافئة” الذي نشره الشيخي في الصفحة الأخيرة لجريدة “الاتحاد الاشتراكي” خلال خمسة مواسم صيفية بين عامي 1983 و1993، بينما يحتوي القسم الثاني على ست دراسات نقدية مرتبطة بالشعر وكتبت في مناسبات مختلفة.
ومن جهته، أوضح الدكتور الخراز في تقديمه أن خطوة جمع هذه النصوص جاءت رغبة منه في إعادة الاعتبار لذاكرة الشيخي الأدبية، قائلاً إن هذا المشروع سيساهم في “الكشف عن وجه خفي من كتابات الشاعر” لفائدة الجيل الجديد، وتقديم فرصة للاطلاع على تجربة نثرية موازية لشعره المعروف.
إضافة إلى ذلك، يأتي هذا العمل ضمن سلسلة اشتغل عليها الخراز في مجال التوثيق، من بينها تحقيق مخطوط “شرح أرجوزة محمد الطيب ابن كيران في الحقيقة والمجاز” سنة 2016، ثم “النشر الطيب من منظومة الشيخ الطيب” سنة 2021، وأخيرًا جمع ديوان الشاعر المعتصم العلوي الصادر سنة 2023.
وعند الحديث عن مضامين المقالات، أبرز الخراز أنها تتميز بالطرافة والأسلوب البسيط والتشويق في الطرح، مع معالجة قضايا سياسية ومجتمعية وثقافية وتعليمية ورياضية، دون إغفال البعد الشعري الذي يطبع لغة الشيخي ويمنحها دفئًا وعمقًا.
كما تكشف المقالات أيضًا جوانب من السيرة الذاتية للشيخي، سواء ما يتعلق بطفولته في تطوان أو إقامته بالدار البيضاء أو أسفاره إلى مدن مغربية كطنجة وسبتة، وهو ما يثري القراءة ويقرب القارئ من التجربة الإنسانية للشاعر.
وإلى جانب ذلك، تتضمن النصوص آراء فكرية وجمالية حول الأدب والثقافة والشعر، مما يساعد في فهم المرجعيات التي شكلت تجربة الشيخي الإبداعية والنقدية على حدّ سواء.
ويُذكر أخيرًا أن محمد الشيخي يُعد واحدًا من أبرز شعراء السبعينيات بالمغرب، ويمثل الجيل الثاني من الحركة الشعرية الحداثية بعد أسماء وازنة كأحمد المجاطي ومحمد الخمار الكنوني وعبد الكريم الطبال، وقد أصدر ستة دواوين شعرية من أهمها: “حينما يتحول الحزن جمرا” (1983)، “الأشجار” (1988)، “ذاكرة الجرح الجميل” (2005) و“فاتحة الشمس” (2015).


