صدمة نفطية محتملة : ارتفاع أسعار الخام إلى 200 دولار

تيلي ناظور : نوفل سنوسي
في حال أوقفت الهند وارداتها النفط الروسي، الذي يشكل نحو 36% من إجمالي وارداتها، قد يرتفع سعر البرميل إلى أكثر من 200 دولار أمريكي، مما يؤدي إلى نقص عالمي في الإمدادات و ارتفاع التضخم، وفقًا لتقارير و تحليلات حديثة صادرة عن مصادر مثل سي إن بي سي و دويتشه فيله.
هذا السيناريو يأتي وسط ضغوط أمريكية من الرئيس دونالد ترامب، الذي فرض تعريفات جمركية تصل إلى 50% على السلع الهندية كرد على استمرار نيودلهي في شراء النفط الروسي المخفض، مما قد يجبر الهند على البحث عن بدائل أغلى من الشرق الأوسط أو الولايات المتحدة، مع تأثيرات اقتصادية واسعة النطاق.
سترتفع فاتورة واردات النفط الهندية بنحو 9.1 مليار دولار في السنة المالية 2026 و11.7 مليار دولار في 2027، وفقًا لتقديرات بنك الدولة الهندي، مما يزيد من التضخم و يضعف الروبية و يوسع العجز المالي.
معظم المصافي الهندية مصممة لمعالجة النفط الثقيل الروسي، و استبداله بنفط أمريكي أخف أو من الشرق الأوسط سيحتاج إلى تعديلات مكلفة، مما يقلل من إنتاج الديزل و الوقود الجوي.
كما أن وقف الواردات فجأة سيؤثر على أمن الطاقة الهندي، حيث تعتمد البلاد على الاستيراد بنسبة 80% من احتياجاتها النفطية، و قد يؤدي إلى نقص في الوقود المكرر الذي تصدره الهند إلى أوروبا و آسيا.
سيؤدي إخراج نحو 1.7 مليون برميل يوميًا من النفط الروسي من السوق إلى نقص حاد في الإمدادات، حيث لا يمكن لأوبك أو الولايات المتحدة تعويضه بسرعة كافية، مما يدفع أسعار الخام إلى ما فوق 90 دولارًا، و ربما إلى 200 دولار في حال توقف مفاجئ.
هذا الارتفاع سيرفع تكاليف الشحن و الإنتاج عالميًا، مما يزيد من التضخم في الدول المستوردة و يؤثر على نمو الاقتصاد العالمي، بما في ذلك الولايات المتحدة التي قد تواجه ارتفاعًا في أسعار الوقود للمستهلكين.
أما أوروبا، فقد تواجه نقصًا في الديزل المكرر من الهند، مما يفاقم أزمات الطاقة، بينما قد يستفيد المنتجون في الشرق الأوسط من ارتفاع الأسعار لكن بتكاليف أعلى للجميع.
ستفقد روسيا عميلًا رئيسيًا يمثل جزءًا كبيرًا من صادراتها النفطية، مما يقلل من إيراداتها و يضعف قدرتها على تمويل الحرب في أوكرانيا، خاصة إذا لم تجد بدائل سريعة مثل زيادة الصادرات إلى الصين.
و مع ذلك، قد يؤدي ذلك إلى إعادة توجيه النفط الروسي إلى أسواق أخرى بأسعار أقل، لكن مع مخاطر عقوبات ثانوية أمريكية على الشركات الهندية أو غيرها، مما يعقد التجارة العالمية.
في المقابل، قد يدفع ذلك الهند نحو تعزيز التعاون الطاقي مع الولايات المتحدة، بما في ذلك زيادة واردات النفط الأمريكي، لكن ذلك لن يعوض الخصومات الروسية بسهولة.
من غير المرجح أن توقف الهند الواردات فجأة، بل قد تقللها تدريجيًا لتجنب ارتفاع الأسعار العالمي، مع البحث عن اتفاقيات تجارية جديدة مع الولايات المتحدة لتخفيف التعريفات.
خبراء مثل أجاي سريفاستافا يؤكدون أن الاستمرار في الشراء الروسي يوفر استقرارًا في الأسعار، بينما يحذر آخرون من أن الضغوط الأمريكية قد تفرض تغييرًا، مما يتطلب من الهند تنويع مصادرها و تعزيز الإنتاج المحلي للطاقة.
في النهاية، يعكس هذا السيناريو تحولات في القوة الناعمة الطاقية، حيث قد يؤدي إلى إعادة رسم خريطة التجارة النفطية العالمية مع مخاطر اقتصادية كبيرة للجميع.



