تعيين علي لاريجاني أمينًا عامًا للمجلس الأعلى للأمن

في خطوة تعكس تغييرات جوهرية في الهيكلية الأمنية الإيرانية، أصدر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مرسومًا بتعيين علي لاريجاني أمينًا عامًا للمجلس الأعلى للأمن القومي، خلفًا للجنرال علي أكبر أحمديان.
يأتي هذا التعيين في سياق إعادة هيكلة شاملة تشهدها أعلى هيئة أمنية في البلاد، مصحوبة بإنشاء “مجلس الدفاع الوطني” الجديد.
في هذا المقال، نستعرض أهمية هذا التعيين، خلفياته، وتأثيراته المحتملة على السياسة الأمنية الإيرانية.
علي لاريجاني : عودة شخصية محورية
أعلنت وكالة “نور نيوز”، المنصة الإعلامية للمجلس الأعلى للأمن القومي، أن لاريجاني يعود إلى منصبه كأمين عام بعد غياب دام خمس سنوات.
لاريجاني، الذي شغل هذا المنصب سابقًا بين عامي 2005 و 2007 خلال ولاية الرئيس محمود أحمدي نجاد، يُعدّ من الشخصيات السياسية المخضرمة في إيران.
وكان قد قاد مفاوضات نووية حساسة مع الغرب، مما يعكس خبرته العميقة في التعامل مع الملفات الاستراتيجية.
خلفية سياسية قوية
يمتلك لاريجاني سجلًا حافلًا بالمناصب الرفيعة، حيث شغل رئاسة البرلمان الإيراني لمدة 12 عامًا، ورئاسة هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمي، و وزارة الثقافة و الإعلام.
كما كان عضوًا في المجلس الأعلى للأمن القومي لمدة 25 عامًا، مما يجعله من أبرز الأسماء القادرة على الجمع بين الخبرة السياسية والأمنية.
ويعرف لاريجاني بعلاقاته المتوازنة مع مختلف التيارات السياسية في إيران، مما قد يعزز من قدرته على إدارة الملفات الحساسة في هذا المنصب.
سياق التعيين : إعادة هيكلة أمنية
يأتي تعيين لاريجاني بالتزامن مع إنشاء “مجلس الدفاع الوطني”، وهو كيان جديد تحت مظلة المجلس الأعلى للأمن القومي، يركز على التطورات الأمنية والدفاعية.
وفقًا لوكالة “فارس”، يهدف هذا المجلس إلى التعامل مع السياسات الدفاعية العليا في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، خاصة بعد الحرب الأخيرة بين إيران و إسرائيل.

ومن المتوقع أن يتولى الجنرال علي أكبر أحمديان، الأمين السابق، إدارة ملفات استراتيجية حساسة ضمن هذا المجلس الجديد.
توقيت استراتيجي
التغييرات تأتي في وقت حساس، حيث تواجه إيران تحديات أمنية متزايدة، بما في ذلك التوترات الإقليمية و الانتقادات المتعلقة بانتشار شبكات التجسس الإسرائيلية.
وتشير تقارير إلى أن إنشاء مجلس الدفاع يستند إلى المادة 176 من الدستور الإيراني المعدل عام 1989، والذي تم تأجيل تفعيله حتى الآن لعدم وجود ضرورة ملحة.
هذه الخطوة تُعتبر تمهيدًا لتعزيز النهج الأمني في مواجهة التحديات الخارجية.
ردود الفعل : بين التفاؤل والانتقاد
أثار تعيين لاريجاني ردود فعل متباينة. فبينما يرى البعض أن خبرته و علاقاته السياسية ستسهم في اعتماد نهج أكثر براغماتية في إدارة الملفات الأمنية، يعتبر آخرون، أن إعادة تعيينه تُمثل استمرارية للسياسات المحافظة، خاصة مع خلفيته في الحرس الثوري.
كما أعرب البعض عن تطلعهم لمشاركة أكبر للجيل الشاب في قيادة المؤسسات الاستراتيجية.
تحديات سابقة
يُشار إلى أن لاريجاني واجه عقبات في مسيرته السياسية، حيث رفض مجلس صيانة الدستور ترشحه للانتخابات الرئاسية في عامي 2021 و2024، مما أثار جدلًا حول دوره في النظام السياسي.
ومع ذلك، يبدو أن تعيينه الحالي، بدعم من المرشد الأعلى علي خامنئي، يعكس ثقة كبيرة في قدراته على قيادة المجلس في مرحلة حرجة.
الآفاق المستقبلية
تعيين لاريجاني و إنشاء مجلس الدفاع الوطني يشيران إلى رغبة إيران في تعزيز قدراتها الأمنية و الدفاعية في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
و مع خبرة لاريجاني في التفاوض النووي وإدارة الأزمات، قد يلعب دورًا محوريًا في صياغة سياسات أكثر مرونة، مع الحفاظ على المصالح الوطنية.
و مع ذلك، ستواجه إيران تحديات في موازنة هذه التغييرات مع التوقعات الداخلية لإصلاحات أوسع.
يُعد تعيين علي لاريجاني أمينًا عامًا للمجلس الأعلى للأمن القومي خطوة استراتيجية تعكس رؤية إيران لتعزيز هيكليتها الأمنية في ظل التحديات الراهنة.
مع إنشاء مجلس الدفاع الوطني ودعم المرشد الأعلى، يبدو أن لاريجاني سيواجه مهمة حساسة تتطلب الجمع بين الخبرة السياسية والبراغماتية الأمنية.
هل سينجح في قيادة هذه المرحلة الجديدة؟ الأيام القادمة ستكشف المزيد عن تأثير هذه التغييرات على المشهد الإيراني.