عروض واعلانات
المجتمع المدني

بوعياش تدعو إلى صياغة مشروع قانون المسطرة الجنائية ببعد حقوقي شامل

تيلي ناظور : سلوى المرابط

في ظلّ النقاش الوطني المتجدد حول إصلاح منظومة العدالة بالمغرب، شدّدت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على ضرورة إضفاء بُعد حقوقي واضح في مشروع قانون المسطرة الجنائية المرتقب.

وقد جاء ذلك خلال مداخلة لها في ندوة علمية نظمها المجلس بالرباط، حيث سلطت الضوء على أهمية مراجعة النصوص القانونية بما يتلاءم مع المكتسبات الدستورية و الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.

من القانون إلى الحقوق : دعوة لتغيير في العمق ، و انطلاقًا من هذا التصور، أكدت بوعياش أن تطوير المسطرة الجنائية لا يجب أن يقتصر على معالجة الثغرات الإجرائية أو تقنيات المحاكمة فقط، بل ينبغي أن يشمل، في جوهره، تحصين الحقوق والحريات الفردية.

و لعل أبرز ما شددت عليه هو ضرورة الحد من الاعتقال الاحتياطي، و ضمان شروط المحاكمة العادلة، و توسيع نطاق بدائل العقوبات السالبة للحرية .

و اعتبرت، في هذا الإطار، أن أي إصلاح ” بدون منظور حقوقي هو مجرد تعديل شكلي لا يرقى إلى مستوى التغيير الجذري المطلوب ” .

و بالعودة إلى المحاور التي يجب أن يتأسس عليها الإصلاح المنشود، أوضحت بوعياش ضرورة إدراج مجموعة من الركائز الأساسية في مشروع القانون الجديد، وفي مقدمتها:

التنصيص الصريح على قرينة البراءة كمبدأ موجه لكل مراحل الإجراءات الجنائية،ضمان الحق في الدفاع منذ لحظة التوقيف، مع تفعيل عملي و فعّال للمساعدة القانونية، مراقبة استعمال تدابير الحراسة النظرية و الاعتقال الاحتياطي تحت إشراف قضائي فعلي،تعزيز الحق في التعويض عن الخطأ القضائي أو الاعتقال التعسفي.

و تعزيزًا لهذا الطرح، لم تغفل بوعياش التذكير بالتزامات المغرب الدولية، لاسيما الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية و السياسية، و التي تلزم الدول الأطراف بضمان المحاكمة العادلة خلال أجل معقول، و حظر أي مساس بالحرية الشخصية دون سند قانوني واضح.

و من هذا المنطلق، أكدت أن عددًا من توصيات الآليات الأممية لحقوق الإنسان، وعلى رأسها لجنة مناهضة التعذيب، طالبت المغرب مرارًا بتعديل مسطرته الجنائية بما يتوافق مع هذه المعايير الدولية.

و في سياق متصل، تتواصل أشغال الحكومة المغربية لإعداد النسخة النهائية من مشروع قانون المسطرة الجنائية، وسط دعوات متزايدة من المجتمع المدني و هيئات المحامين لتوسيع الاستشارة العمومية بشأنه.

و يبدو أن الرهان لا يقتصر فقط على إخراج نص قانوني متقدم، بل يتعداه إلى خلق تحول نوعي في علاقة المواطن بالقضاء، بما يحقق التوازن المنشود بين سلطة الدولة وحقوق الأفراد.

و في المحصلة، فإنّ دعوة أمينة بوعياش لصياغة مشروع قانون المسطرة الجنائية ببُعد حقوقي ليست مجرد توصية تقنية عابرة، بل تمثل تعبيرًا صريحًا عن الحاجة إلى عدالة جنائية تنطلق من احترام الكرامة الإنسانية، و تكفل مبدأ الإنصاف في كل مراحل التقاضي.

و بالتالي، فإن نجاح هذا الإصلاح سيظل مرهونًا بوجود إرادة سياسية حقيقية قادرة على تحويل هذا الطموح إلى واقع ملموس.

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button