بني ملال … عاصمة جهة بدون “مراحيض”

تيلي ناظور : رضوان عريف
حين تقرأ عبارة “عاصمة جهة”، تتبادر إلى ذهنك صورة مدينة حديثة، مرافق متكاملة، تخطيط حضري محترم، وكرامة إنسانية مصانة، لكن ما إن تطأ قدمك وسط مدينة بني ملال، حتى تصطدم بحقيقة لا يمكن تجاهلها : لا وجود لمراحيض عمومية!
نعم، في المدينة التي تصرف الملايين على المهرجانات والأنشطة الإستعراضية، وتتباهى بأنها بوابة الأطلس وسيدة الحوض المائي، يغيب أبسط مرفق صحي يمكن أن يصون كرامة المارة والزوار وحتى أبناء المدينة أنفسهم.
مشهد المواطن الذي يبحث بيأس عن مكان يقضي فيه حاجته البيولوجية أصبح جزءًا من الحياة اليومية، وكأن المدينة تفرض على زوارها إما أن يكونوا أصحاب مثانة فولاذية، أو أن “يتدبروا أمرهم” في صمت.
الأدهى من ذلك أن المدينة مليئة بالساحات، والحدائق المغلقة، والمرافق التي أُنجزت لأغراض “جمالية”، لكنها خاوية من أي خدمة حقيقية. أين هو التفكير في الإنسان؟ أين هي كرامة المواطن الذي يُفترض أن يكون في صلب كل سياسة تنموية؟

النساء، كبار السن، الأطفال، المرضى… كلهم يعانون بصمت. بعضهم يضطر لدخول مقهى وهو لا يملك ثمن فنجان قهوة فقط ليستأذن الدخول إلى مرحاض، وآخرون يضطرون للإستنجاد بالمصحات أو محطات الوقود، وكأن الأمر يتعلق بعملية تهريب سرية لا بحق بسيط مكفول في المدن المحترمة.
قد يقول قائل: “الوضع عام في المغرب”، نعم… لكنه أكثر إحراجًا في عاصمة جهة، تحمل إسمًا ثقيلًا في التاريخ والجغرافيا، وتطمح إلى لعب أدوار قيادية على المستوى الجهوي والوطني.
ما المطلوب؟
ليس إختراع الذرة، بل فقط مراحيض عمومية نظيفة، موزعة في النقاط الحيوية، تُدار بطرق محترمة كما في المدن السياحية حول العالم. فالمرافق الصحية ليست ترفًا، بل ضرورة حضارية وصحية.
ختامًا، في بني ملال، لا نطلب كثيرًا، فقط نريد أن نعيش بكرامة… حتى في أبسط تفاصيل حياتنا اليومية