المغرب: دبلوماسية الحوار والاستقرار في زمن التحديات الإقليمية

مقدمة: المغرب كقوة هادئة في قلب التوترات الإقليمية
في ظل إقليم مضطرب تتصارع فيه المصالح وتتفاقم التوترات، يبرز المغرب كنموذج للدبلوماسية العقلانية والمسؤولة.
يعتمد المغرب نهجًا يقوم على الحكمة والتعاون، متجنبًا الانفعال أو الانغلاق، ومؤمنًا بأن الاستقرار الإقليمي لا يتحقق إلا من خلال الحوار البنّاء والتفاهم المتبادل.
الرؤية الملكية: “اليد الممدودة” لتعزيز الوحدة المغاربية
في خطابه بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش، جدد جلالة الملك محمد السادس التأكيد على التزام المغرب بسياسة الانفتاح تجاه الجزائر. وأكد جلالته:
“حرصتُ دومًا على مد اليد لأشقائنا في الجزائر، وعبرت عن استعداد المغرب لحوار صريح ومسؤول، حوارٍ أخوي وصادق، حول مختلف القضايا العالقة بين البلدين.”
هذه الرؤية تعكس ثقة المغرب في مواقفه، خاصة فيما يتعلق بوحدته الترابية، وتؤكد مسؤوليته التاريخية تجاه شعوب المنطقة. وأضاف جلالته:
“التزامنا الراسخ باليد الممدودة نابع من إيماننا بوحدة شعوبنا، وقدرتنا سويًا على تحقيق تطلعاتها إلى الوحدة والتكامل.”
هذه الكلمات ليست مجرد خطاب سياسي، بل استراتيجية دبلوماسية متكاملة تجمع بين المبادئ والواقعية، وتؤسس لمستقبل إقليمي قائم على التنمية والتعاون.

تحليل أكاديمي: أبعاد استراتيجية ومجتمعية للتقارب
يؤكد الدكتور خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية، أن العلاقات المغربية-الجزائرية تمر بمرحلة حساسة تتطلب حكمة وتفكيرًا استراتيجيًا.
ويرى أن التقارب بين البلدين يعتمد على بُعدين رئيسيين:
- البُعد المجتمعي والثقافي: الشباب يمثلون جسرًا طبيعيًا للتواصل بين الشعبين، مستندين إلى تاريخ وحضارة مشتركين.
- البُعد الاستراتيجي: يتطلب تعاونًا مشتركًا لمواجهة تحديات مثل الأمن، مكافحة الإرهاب، الهجرة، وتغير المناخ.
ويشدد الشيات على أن استقرار المغرب الكبير يعتمد على حوار عقلاني يحترم سيادة الدول ويتجاوز منطق الصراع.
انسجام داخلي: دعم شعبي ونخبوي لخيار الحوار
تتقاطع الرؤية الملكية مع التحليلات الأكاديمية لتعكس إجماعًا داخليًا في المغرب حول أهمية الحوار مع الجزائر.
هذا الخيار لا يعبر عن ضعف، بل عن قوة وثقة في المستقبل، ويؤكد التزام المغرب بدبلوماسية بنّاءة تخدم الاستقرار الإقليمي.
تحديات وآفاق: اختبار الجزائر أمام الانفتاح المغربي
بينما يواصل المغرب إرسال إشارات الانفتاح، تتبنى الجزائر نهجًا تصعيديًا إعلاميًا وسياسيًا.
هذا الواقع يضع الجزائر أمام اختبار حقيقي: هل ستستجيب لدعوة الحوار، أم ستستمر في سياسة العزلة؟
خاتمة: المغرب وقوة الدبلوماسية الهادئة
يثبت المغرب، من خلال خطابه السياسي المتزن ورؤيته الاستراتيجية، أنه “القوة الهادئة” التي لا تسعى للانتصار بالمواجهة، بل بالحجة والوضوح.
سياسة “اليد الممدودة” تعبر عن ثقة بالنفس، وحرص على الاستقرار، ووفاء للروابط التاريخية بين شعوب المنطقة، مما يجعل المغرب نموذجًا للدبلوماسية المسؤولة في عالم مضطرب.