الرباط تصدح بصوت الشعب : لا للتطبيع ، نعم لفلسطين

تيلي ناظور : سلوى المرابط
في مشهدٍ مهيبٍ عانق التاريخ و استدعى ضمير الأمة، صدحت شوارع العاصمة المغربية الرباط، يوم الأحد، بصوت آلاف المواطنين الرافضين للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، و المؤكدين على تمسكهم الثابت بالقضية الفلسطينية، تحت شعارٍ واضحٍ و حازم : “لا للتطبيع ، نعم لفلسطين”.
توافدت حشود الجماهير من مختلف الأطياف و الفئات، حاملين الأعلام الفلسطينية و لافتات تندد بالعدوان المستمر على غزة، و تدين اتفاقات التطبيع مع إسرائيل، في تظاهرة دعت إليها الجبهة المغربية لدعم فلسطين و ضد التطبيع، بمشاركة واسعة من قوى سياسية و مدنية و نقابية و حقوقية .
رغم أن المغرب وقع على اتفاق استئناف العلاقات مع إسرائيل في ديسمبر 2020، إلا أن صوت الشارع المغربي لم يصمت قط، بل ظلّ ينبض بالموقف التاريخي للمغاربة تجاه القضية الفلسطينية، حيث يرى المواطنون أن التطبيع ” طعنة في ظهر القضية “، و مساسٌ بمبادئ التضامن العربي و الإسلامي .
وخلال المسيرة، رُفعت شعارات قوية، من بينها : “فلسطين أمانة، و التطبيع خيانة”، و”من الرباط لغزة.. شعب واحد ما بينه عزة”، في تعبير صريح عن ارتباط وجداني ومبدئي بالمقاومة الفلسطينية، و رفض لأي علاقة مع الاحتلال الإسرائيلي، مهما كانت المبررات السياسية أو الاقتصادية .
اللافت في هذه المسيرة، ليس فقط حجم الحضور، بل تنوع المشاركين فيها؛ من رجال و نساء، شيوخ وشباب، أطفال وحتى طلاب جامعات، كما شاركت هيئات من المجتمع المدني و نقابات تعليمية و مهنية، إلى جانب أحزاب من مختلف التوجهات، ما أكد أن دعم فلسطين في المغرب ليس موقفًا سياسيًا ظرفيًا، بل قضية شعب و أمة .

و في هذا السياق، صرح أحمد ويحمان، رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، بأن “الوجود الإسرائيلي على أرض المغرب – سواء عبر اتفاقيات أو زيارات – هو اختراق خطير للسيادة الوطنية و لقيم المغاربة التاريخية”، مبرزًا أن “الاحتجاجات لن تتوقف ما دامت يد العدو تمتد إلى أرض فلسطين”.
لم تكن هذه المسيرة حدثًا منعزلاً، بل تأتي في سياق سلسلة من المواقف الشعبية التي لم تتغير رغم محاولات “تبييض صورة الاحتلال”، حيث ظلّ المغاربة يساندون القضية الفلسطينية في كل مراحلها، من خلال الاحتجاجات، الحملات التضامنية، بل وحتى مقاطعة المنتجات الداعمة لإسرائيل .
و يأتي هذا التحرك الشعبي في وقتٍ تتصاعد فيه جرائم الاحتلال بحق سكان قطاع غزة، حيث أسفرت الهجمات الإسرائيلية الأخيرة عن سقوط آلاف الشهداء و الجرحى، و تدمير البنية التحتية للقطاع، في انتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية، وسط صمت عربي رسمي مطبق، يُقابله وعيٌ شعبي متصاعد .
من قلب الرباط، وجه المتظاهرون رسالة إلى العالم، مفادها أن التطبيع لا يُمثل الشعوب، وأن الاحتلال لا يمكن أن يُمنح شرعية عبر اتفاقات سياسية، مؤكدين أن المقاومة، بكافة أشكالها، حق مشروع للشعب الفلسطيني .
و في نهاية المسيرة، تلي بيان ختامي أكد على ضرورة إلغاء كل أشكال التطبيع، وطرد ممثلي الاحتلال من المغرب، وإعادة الاعتبار للدبلوماسية المغربية المناصرة لفلسطين، كما جرى في عقود سابقة .
لم تكن مسيرة الرباط مجرد تعبير عابر عن الغضب، بل كانت تجسيدًا لنبض أمة لا تنسى، ولسان حال شعبٍ لم يُخدعه بريق التطبيع، فأعاد التأكيد على أن فلسطين ستبقى في قلب كل مغربي حر .
و فيما تستمر آلة الحرب في تدمير غزة، يظل صوت الرباط، و كل المدن المغربية، صادحً ا: “لا للتطبيع.. نعم لفلسطين ” .