عروض واعلانات
سياسة

عمال ميناء جنوة يتحدون الشحنات الإسرائيلية : احتجاجات تهز قلب التجارة الأوروبية

تيلي ناظور : نوفل سنوسي

يُعد ميناء جنوة، أكبر موانئ إيطاليا وثاني أكبر ميناء في البحر الأبيض المتوسط، مركزًا حيويًا للتجارة العالمية، حيث يتعامل مع أكثر من 51.6 مليون طن من البضائع سنويًا.

لكن في الأشهر الأخيرة من عام 2025، تحول هذا الميناء إلى ساحة احتجاجات قوية، حيث يقود عماله حركة مقاومة ضد الشحنات المتجهة إلى إسرائيل، في موقف تضامني مع القضية الفلسطينية.

هذه التحركات، التي أثارت جدلًا واسعًا، تهدد بتعطيل حركة التجارة البحرية وتسلط الضوء على تأثير العمال في القضايا الجيوسياسية.

موقف مبدئي ضد الشحنات العسكرية

في سبتمبر 2025، أعلنت لجنة عمال ميناء جنوة، بدعم من نقابات مثل CALP وUSB، عن تهديدها بحصار كامل للبضائع المتجهة إلى إسرائيل إذا تعرض “أسطول الصمود”، الذي ينقل مساعدات إنسانية إلى غزة، لأي عرقلة أو انقطاع في الاتصال لمدة 20 دقيقة.

يأتي هذا التهديد في أعقاب سلسلة من الاحتجاجات، حيث قام العمال في أغسطس 2025 بحصار سفينة “بحري ينبع” السعودية، التي كانت تحمل معدات عسكرية إلى إسرائيل، مما أدى إلى تعطيل حركة الميناء مؤقتًا.

وفي يوليو من العام نفسه، نجح العمال، بالتعاون مع نقابات يونانية، في منع شحنة فولاذ عسكري متجهة إلى إسرائيل، مما أجبر الشحنة على تغيير و جهتها إلى الشرق الأقصى.

هذه التحركات ليست مجرد احتجاجات عمالية، بل تُظهر تنسيقًا دوليًا متزايدًا لمواجهة ما يصفونه بـ”دعم إيطاليا لتسليح إسرائيل”.

أهمية ميناء جنوة في التجارة العالمية

يمتد ميناء جنوة على مساحة 700 هكتار برًا و500 هكتار بحرًا، مع 22 كيلومترًا من الواجهة البحرية و 30 كيلومترًا من الأرصفة النشطة.

يشحن الميناء سنويًا حوالي 13-14 ألف حاوية إلى إسرائيل، مما يجعله حلقة وصل حيوية في التجارة بين أوروبا والشرق الأوسط.

هذا الدور الاستراتيجي يجعل احتجاجات العمال ذات تأثير كبير، ليس فقط على إسرائيل، بل على سلاسل التوريد العالمية.

دوافع الاحتجاجات : تضامن حقوقي

تعكس هذه الاحتجاجات موقفًا حقوقيًا واضحًا من عمال الميناء، الذين يرون أن منع الشحنات العسكرية إلى إسرائيل هو خطوة لوقف ما وصفوه بـ”المجازر في غزة”.

النقابات تخطط لتوسيع نطاق هذه الجهود من خلال إنشاء لجان قاعدية لمراقبة الشحنات، بالإضافة إلى التنسيق مع موانئ أخرى في أوروبا لتكثيف الضغط.

هذا التحرك قد يؤدي إلى إضرابات دولية، مما يهدد بتعطيل التجارة البحرية على نطاق أوسع.

التأثير على إسرائيل و التجارة الدولية

إسرائيل، التي تعتمد بشكل كبير على الواردات البحرية، قد تواجه تحديات لوجستية إذا تصاعدت هذه الاحتجاجات.

توقف الشحنات، حتى لو كان مؤقتًا، قد يؤثر على إمدادات المعدات العسكرية و السلع الأخرى، مما يضع ضغوطًا اقتصادية و سياسية إضافية.

في الوقت نفسه، تواجه إيطاليا معضلة بين دعم حرية التعبير لعمالها وضمان استمرارية التجارة.

مستقبل ميناء جنوة

مع استمرار التوترات الجيوسياسية، يبقى ميناء جنوة في قلب النقاش حول دور العمال في تشكيل السياسات التجارية والحقوقية.

الاحتجاجات الحالية قد تكون مجرد بداية لتحركات أوسع، خاصة إذا نجحت النقابات في تعبئة موانئ أخرى.

في الوقت نفسه، يواصل الميناء دوره كمركز سياحي، مع معالم مثل حوض جنوة المائي والمحيط الحيوي، مما يجعل إدارة هذه التحديات أكثر تعقيدًا.

احتجاجات عمال ميناء جنوة تمثل نموذجًا فريدًا لكيفية تأثير العمال على القضايا الدولية من خلال السيطرة على نقاط التجارة الحيوية.

مع تهديدات بحصار الشحنات الإسرائيلية وتنسيق دولي متزايد، يبقى الميناء محورًا للصراع بين التجارة والمبادئ الحقوقية.

متابعة هذه الأحداث ستكون حاسمة لفهم تأثيرها على التجارة العالمية والعلاقات الدولية في المستقبل.

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button